المقدمة:
بينما كانت الألعاب النارية
تُزيّن سماء الأقصر احتفالاً بافتتاح طريق الكباش، كانت صفارات الإنذار تدوي في
غزة على بعد 630 كم فقط! هذا التناقض ليس صدفة.. إنه ثمرة 10 سنوات من رؤية
استراتيجية حوّلت مصر إلى قلعة منيعة في قلب منطقة تموج بالأزمات.
خلفية السياق:
في خضم تصعيد غزة 2023
وانهيار لبنان وأزمات اليمن وسوريا، وقفت مصر كشاهد على معجزة حقيقية: تحقيق نمو
اقتصادي بلغ 4.2% (البنك الدولي 2023) بينما تشهد دول الجوار انكماشاً يصل إلى
-15%.
الأطروحة المركزية:
تحليل استراتيجية مصر
الفريدة في عهد الرئيس السيسي لتحقيق التوازن بين:
- بناء الدولة
الحديثة
- الحفاظ على الأمن
القومي
- قيادة الدور
الإقليمي
المشهد الافتتاحي: تناقض
يصدم الضمير:
في ليلة احتفالية باذخة،
بينما كانت أضواء الألعاب النارية تُذهّب سماء الأقصر العتيقة، مُعلنة افتتاح طريق
الكباش المُرمّم، شاهدٌ على عظمة المصريين القدماء، كانت صفارات الإنذار تُثقب صمت
الليل في غزة، على بُعد 630 كيلومتر فحسب. هذا التناقض الصارخ لم يكن محض صدفة
عابرة، بل كان ثمرة نضج رؤية استراتيجية استغرقت عقداً كاملاً من الزمن. عشر سنوات
من العمل الدؤوب، التحولات الجذرية، والتخطيط المحكم، حوّلت مصر من دولة تواجه
هزات وجودية في أعقاب 2011، إلى ما يشبه "القلعة المنِعة"، صامدة في قلب
منطقة شرق أوسطية تموج بالأزمات وتتصارع فيها قوى الدمار.
خلفية السياق: دوّامة
الجوار والاستثناء المصري:
تخيّل المشهد الإقليمي في
عام 2023: تصعيد عسكري مروّع يشقّ غزة، لبنان على شفا الانهيار الاقتصادي
والاجتماعي، اليمن غارق في حرب طاحنة وتقسيم، سوريا ممزقة ومُدمّرة بعد أكثر من
عقد من الصراع. في خضمّ هذه الدوامة القاتمة من العنف والانهيار، وقفت مصر شامخة
كشاهد حيّ على ما يشبه المعجزة. بينما كانت اقتصادات جوارها تغرق في مستنقع
الانكماش الحاد – متجاوزاً - 15% في بعض الحالات وفق تقديرات البنك الدولي - كان
الاقتصاد المصري يُسجّل نمواً إيجابياً بلغ 4.2% في نفس العام. هذا التناقض
الاقتصادي الصارخ لم يكن معزولاً؛ لقد كان مؤشراً أولياً على نجاعة النموذج المصري
الجديد في التعامل مع رياح المنطقة العاتية.
الأطروحة المركزية:
استراتيجية التوازن الثلاثي الأبعاد:
في قلب هذا التحوّل تكمن
استراتيجية فريدة قادها الرئيس عبد الفتاح السيسي، تهدف إلى تحقيق توازن دقيق
ومحفوف بالمخاطر بين ثلاث ركائز أساسية، كلّ منها يشكل تحدياً قائماً بذاته:
1. بناء الدولة الحديثة: حجر الأساس الداخلي:
الرؤية: الانتقال من دولة
منهكة بتراث بيروقراطي ثقيل وبنية تحتية متداعية إلى دولة حديثة قادرة على تلبية
احتياجات شعبها ومواكبة القرن الحادي والعشرين.
الأدوات: استثمارات ضخمة
غير مسبوقة في البنية التحتية العملاقة. شبكة طرق جديدة وكباري عملاقة (مثل كوبري
تحيا مصر) تعيد تشكيل خريطة التنقل. مدن جديدة كاملة (مثل العاصمة الإدارية،
العلمين الجديدة، الجلالة) تخلق حيزاً عمرانياً حديثاً وتخفف الضغط عن الوادي
القديم. مشاريع الطاقة العملاقة (محطات كهرباء، بنبان للطاقة الشمسية) تضمن الأمن
الطاقي. مشروعات زراعية استراتيجية (الدلتا الجديدة، توشكى) لتحقيق الأمن الغذائي.
إصلاحات اقتصادية مؤلمة (تعويم الجنيه، برنامج الإصلاح مع صندوق النقد) لاستعادة
التوازنات الكلية وإن كانت بثمن اجتماعي.
الهدف: خلق أساس مادي
ومؤسسي متين يسمح لمصر بالوقوف على قدميها، جذب الاستثمارات، وتوفير حياة كريمة
مستقرة للمواطن، وهو شرط أساسي لأي استقرار سياسي أو أمني.
2. الحفاظ على الأمن القومي: تحصين القلعة:
الرؤية: حماية حدود مصر
وسيادتها وأمن مواطنيها من تهديدات إرهابية متصاعدة وتدخلات إقليمية في بيئة جوار
مضطربة للغاية.
الأدوات: حملات عسكرية
وأمنية شاملة وحاسمة في سيناء (مثل عملية سيناء 2018) لاستئصال بؤر الإرهاب. تعزيز
غير مسبوق لقدرات الجيش والأجهزة الأمنية بأسلحة وأنظمة متطورة. تحصين الحدود
الغربية (مع ليبيا) والشرقية (مع غزة) بجدران وأنظمة مراقبة متطورة. تعزيز السيطرة
على الحدود الجنوبية. حرب شاملة ضد محاولات زعزعة الاستقرار الداخلي.
الهدف: تحويل مصر إلى حصن
منيع يصعب اختراقه أو زعزعة استقراره داخلياً، مما يوفر البيئة الآمنة الضرورية
لتنفيذ مشاريع البناء الداخلي، ويُرسل رسالة ردع قوية لكل من تسوّله نفسه بالتعدي
على المصالح المصرية.
3. قيادة الدور الإقليمي: الدبلوماسية في قلب
العاصفة:
الرؤية: استعادة وتعزيز
الدور المصري التقليدي كقائد إقليمي محوري وصانع استقرار، لا كمتفرج أو ضحية
للأزمات المحيطة.
الأدوات: دبلوماسية نشطة
ومتوازنة. قيادة جهود الوساطة في فلسطين (بين الفصائل، وبين حماس وإسرائيل) بهدف
إطفاء نيران التصعيد وإنقاذ غزة من الانهيار. دعم الاستقرار في ليبيا عبر دفع
المسارات السياسية ومحاربة الميليشيات. تعاون أمني وثيق مع دول الخليج (خاصة
السعودية والإمارات). الدفاع المستميت عن الحقوق المائية لمصر في نهر النيل (سد
النهضة) باعتبارها خطاً أحمر للأمن القومي.
الهدف: ترجمة القوة
الداخلية والأمنية إلى نفوذ إقليمي فاعل، حماية المصالح المصرية خارج الحدود، منع
تصدير الأزمات إلى الداخل، وإثبات أن مصر ليست قلعة منغلقة بل قوة إقليمية مستقرة
وفاعلة ومطلوبة لحل الأزمات.
الخلاصة: التوازن فن البقاء
والنهوض:
الاستراتيجية المصرية في
العقد الأخير هي في جوهرها فن إدارة التوازنات المعقدة. التوازن بين الاستثمار
الضخم في المستقبل (بناء الدولة) والإنفاق الهائل على تحصين الحاضر (الأمن). التوازن
بين الانفتاح الاقتصادي المطلوب لجذب الاستثمارات وضبط حركة رأس المال. التوازن
بين الحزم في مواجهة التهديدات الأمنية والحاجة إلى الحفاظ على تماسك المجتمع.
التوازن بين الحياد النسبي في بعض الصراعات الإقليمية والتورط الضروري لحماية
المصالح الحيوية (كالملف الفلسطيني ومياه النيل).
الاحتفال في الأقصر تحت
سماء غزة الملتهبة هو أكثر من مجرد صورة تناقض؛ إنه تجسيد رمزي لهذا التوازن الصعب
الذي تسعى مصر للحفاظ عليه: بناء جذور عميقة للنهضة الداخلية، ورفع أسوار عالية
للحماية، مع مد جسور من النفوذ المسؤول في محيط عاصف. نجاح هذه الاستراتيجية ليس
مضموناً، وتحدياتها هائلة، لكن السنوات العشر الماضية رسمت مساراً واضحاً: مصر
تحوّلت من دولة في حالة تأهب قصوى للبقاء، إلى دولة تبني بثبات، تحرس بحزم، وتتحرك
في الإقليم بحسابات دقيقة، ساعيةً لأن تكون القلعة المنِعة والراسخة في قلب
العاصفة.
القسم 1: معجزة البناء..
مشروعات غيرت وجه مصر
الإنجازات المحورية:
- المشروع الأضخم في
التاريخ الحديث:
العاصمة الإدارية الجديدة (700 كم²) التي
تضم:
- الحي الحكومي (34
وزارة)
- منطقة الأعمال
المركزية (أطول برج في أفريقيا)
- أكبر مسجد
وكاتدرائية في الشرق الأوسط
- ثورة طاقة خضراء:
مجمع بنبان للطاقة الشمسية
(الأكبر عالمياً) ينتج 2000 ميجاوات، ويمثل 90% من استثمارات الطاقة المتجددة في
أفريقيا (تقرير الوكالة الدولية للطاقة 2024).
- تحويل الصحراء إلى
جنة خضراء:
مشروع الدلتا الجديدة (2.2 مليون فدان) يُعد
أكبر مشروع استصلاح في القرن الحادي والعشرين، يوفر الغذاء لمصر ويصدر الفائض
لأوروبا.
إرادة تُحطم قيود
الجغرافيا:
في قلب صحراء مصر القاحلة،
حيث كانت الرياح تعزف لحناً وحيداً على مدار آلاف السنين، تُكتب اليوم ملحمة
مختلفة: رجال وآلات تنحت بقوة الإرادة خرائط جديدة، تُعيد تعريف حدود الممكن. هذه
ليست مشروعات عادية، بل هي "أهرامات العصر الحديث" تشهد على عهد مصمم
على تحدي قوانين الطبيعة والجغرافيا والسياسة.
1. العاصمة الإدارية
الجديدة: الحلم الذي طال انتظاره:
(أضخم مشروع حضري في
القرن الحادي والعشرين)
الرؤية الجريدة:
"ماذا لو اختفت
القاهرة القديمة بزحامها وضجيجها؟ ماذا لو وُلدت مدينة ذكية من رحم الصحراء؟"
هذا هو السؤال الذي تحوله مصر إلى واقع ملموس على مساحة تساوي سنغافورة (700
كم²).
عجائب التصميم:
- الحي الحكومي:
هجرة تاريخية لـ 34 وزارة من مكاتبها القديمة إلى مقرات إدارية عصرية، تُختصر فيها
المسافات وتُحوسب الخدمات.
- منطقة الأعمال
المركزية (CBD): حيث يخترق
"البرج الأيقوني" (385 متراً) سماء أفريقيا، حاملاً تاجاً ذهبياً يلمع
تحت شمس الصحراء، محاطاً بـ 20 برجاً تشكل أفقاً اقتصادياً جديداً.
- القطب الروحي:
"مسجد الفتاح العليم" يتسع لـ 17 ألف مصلٍ تحت أكبر قبة خرسانية في
العالم، يقابله "كاتدرائية ميلاد المسيح" بأكبر صحن كنسي شرق أوسطي -
توأم روحي يرسخ نموذجاً فريداً للتعايش.
المعنى الخفي:
هذه المدينة ليست مجرد أسمنت
وفولاذ، بل هي إعلان استقلال عن إرث القرون: تحرير الدلتا من اختناقات عمرانية،
وبناء منصة جديدة للحكم في القرن الحادي والعشرين.
2. مجمع بنبان:
معجزة الشمس التي تُنير أفريقيا:
(أعجوبة الطاقة
الخضراء حيث تلتقي الصحراء بالابتكار)
الرقم الصادم:
عندما تتوقف في نقطة مراقبة
مجمع بنبان في أسوان، ترى مشهداً مذهلاً: 7.2 مليون لوح شمسي تمتد كبحر فضّي يلتهم
أشعة الشمس، يُنتج طاقة تكفي لإضاءة مليون منزل (2000 ميجاوات).
الأبعاد العالمية:
- تمثل 90% من
استثمارات الطاقة المتجددة في أفريقيا (وفق الوكالة الدولية للطاقة 2024).
- تجمع 32 شركة
عالمية تحت مظلة واحدة، في نموذج تعاوني نادر.
- خفضت انبعاثات مصر
بـ 2 مليون طن سنوياً - كأنها تزرع غابة عملاقة في قلب الصحراء.
الثورة الخفية:
بينما تعتمد دول الجوار على
النفط، تشن مصر حرباً صامتة ضد التغير المناخي، محولة صحاريها إلى "آبار طاقة
نظيفة" تُحررها من شبح النقص الكهربائي للأبد.
3. الدلتا الجديدة:
الفردوس المفقود يُستعاد من براثن الصحراء:
(أكبر هجوم زراعي
على الجفاف في تاريخ البشرية)
مقياس العملاق:
تخيل مساحة 10 أضعاف سنترال
بارك في نيويورك (2.2 مليون فدان)! هنا يُقام أكبر مشروع استصلاح في التاريخ
الحديث:
- شبكة ري ذكية تمتد
114 كم لتحويل رمال غرب الدلتا إلى تربة خصبة.
- مزارع عملاقة تعمل
بالذكاء الاصطناعي لزراعة القمح والفواكه الاستوائية.
- سلاسل تبريد
لوجستية تربط الحقول بأسواق أوروبا في 48 ساعة.
الانعكاسات الاستراتيجية:
- رفع نسبة الأمن
الغذائي من 50% إلى 80% بحلول 2030.
- تحويل مصر من أكبر
مستورد للقمح إلى مُصدر للخضروات والفواكه.
- خلق مليون فرصة
عمل في صحراء كانت قبل سنوات "أرض الموت".
الخلاصة: عندما يصبح
المستحيل مجرد نقطة بداية
هذه المشاريع العملاقة ليست
مجرد صروح مادية، بل هي بيان وجودي لمصر القرن الحادي والعشرين:
- العاصمة الإدارية
= تحرير العقل الإداري من قيود الماضي.
- بنبان = تحرير
الطاقة من سطوة الوقود الأحفوري.
- الدلتا الجديدة =
تحرير الغذاء من أهواء الأسواق العالمية.
بينما تُشيّد أبراج العاصمة
في الشرق، وتُزرع حقول الدلتا الجديدة في الغرب، وتُضاء ألواح بنبان في الجنوب،
تكتمل خريطة مصر الجديدة: خريطة لا ترسم حدوداً جغرافية فحسب، بل ترسم حدوداً
جديدة للإرادة الإنسانية عندما تتحدى المستحيل. هنا، في أرض الأهرامات القديمة، تُبنى
اليوم أهرامات جديدة للعصر الحديث - شواهد على أن الحضارات لا تنهض إلا عندما ترفع
تحدياتها إلى مستوى أحلامها.
القسم 2: حماية الحدود..
قلعة منيعة في بحر من الأزمات
استراتيجية الأمن
القومي:
- جدار حديدي على
حدود غزة:
نظام دفاعي متكامل يشمل جدارًا تحت الأرض بعمق
يصل إلى 30 مترًا لمنع الأنفاق، بالإضافة إلى أجهزة استشعار، وقد منع 97% من
محاولات التسلل عام 2023.
- معركة القوافل
الإرهابية:
إحباط 1500 محاولة تهريب
أسلحة من ليبيا والسودان خلال 3 سنوات.
- حارس الإزدهار:
تعزيز الوجود البحري لحماية خطوط الملاحة
العالمية بعد هجمات الحوثيين.
المشهد الافتتاحي: حيث
تنتهي الجغرافيا ويبدأ الحديد:
على حافة رفح، حيث تنحسر
أرض مصر أمام شريط غزة الضيق، يقف عملاقٌ صامتٌ يراقب الحدود بنظرة لا تنام. هذا
ليس جداراً عادياً، بل هو كائنٌ تكنولوجي حيّ - جلدُه ألواحٌ فولاذية، وعروقه
كابلاتٌ كهربائية، وأعصابه أجهزة استشعارٍ تسمع دبيب النمل تحت الأرض. هنا، في
أخطر حدود مصر، تُختبر إرادة أمة في حماية وجودها.
1. الجدار الذي يأكل
الأرض: معجزة الهندسة العسكرية:
(نظام دفاعي لم
يُشهد له مثيل في الشرق الأوسط)
العمق الذي يُذهل
الجيولوجيين:
حين يحفر مهندسو الجيش
المصري، فإنهم لا يخدشون سطح الأرض بل يغوصون في أحشائها حتى 30 متراً - عمق يعادل
10 أدوار تحت الأرض. في هذا العالم السفلي، يتحول التراب إلى عدو:
- شبكة أنفاق
خرسانية مسلحة تقاوم القصف كالقلاع.
- أجهزة اهتزاز
زلزالية ترصد دقات معاول الحفر من مسافات بعيدة.
- أنظمة غاز ذكية
تخنق الأنفاق قبل اكتمالها.
إحصائيات تُعيد تعريف
الأمن:
في عام 2023 وحده، أحبط هذا
الوحش الحديدي 97% من محاولات التسلل. الرقم ليس مجرد إحصاء، بل هو رسالة واضحة:
كل سنتيمتر تحت الحدود المصرية أصبح مملكةً للموت التقني المُبرمج.
2. معركة القوافل:
حين تتحول الصحراء إلى مصيدة ذكية:
(حرب الظل في بحر
الرمال المترامي)
مشهد الاشتباك الخفي:
تخيل صحراءً تبدو خاليةً
كالقمر، لكنها تعج بحركات غير مرئية:
- طائرات بدون طيار
تشبه الصقور ترصد قوافل التهريب من علوٍّ شاهق.
- أجهزة رصد حراري
تكتشف محركات السيارات المطفأة في ظلام الليل.
- وحدات متحركة
خفيفة كالبرق تنقض من كمائن رملية.
سجل الإبادة الرقمي:
خلال 36 شهراً فقط، تحولت
1,500 محاولة تهريب إلى مجرد دخان في سماء الصحراء. كل عملية إحباط قصة
معقدة:
- قوافل تنقل صواريخ
متطورة مُقنعة تحت أكياس الدقيق.
- شبكات دولية
تمولها جهات ظلامية عبر عملات رقمية.
- حرب ذكاء بين
مهربي أسلحة خبراء وضباط مصريين يقرأون الصحراء كخريطة مفتوحة.
3. حراس البحر
الأحمر: عندما تصبح الأمواج خط دفاع أول
(إعادة رسم قواعد
اللعبة في الممرات الدولية)
التحول الاستراتيجي:
بعد أن أصبحت هجمات الحوثي
تهديداً للاقتصاد العالمي، تحول الأسطول المصري من قوة حراسة ساحلية إلى درعٍ
كوني:
- مدمرات حديثة
تراقب 30% من تجارة العالم النفطية.
- غواصات متطورة
ترسم خرائط قاع البحر بدقة متناهية.
- تعاون استخباراتي
فوري مع شركاء من طوكيو إلى نيويورك.
الرسالة غير المعلنة:
كل ناقلة نفط تمر بمصر هي
تحت الحماية المصرية. هذه ليست مهمة عسكرية فحسب، بل إعلانٌ بأن الأمن القومي
المصري امتداده الآن أمن الملاحة العالمية. البحر الأحمر لم يعد مجرد ممر مائي، بل
أصبح فناءً خلفياً لمصر تُدافع عنه كحدودها البرية.
الخلاصة: فلسفة الأمن
الشامل:
هذه الاستراتيجية الثلاثية
(جدار غزة - حرب الصحراء - حراسة البحر) ليست ردود أفعال، بل نظام دفاعي
متكامل:
- الجدار العمودي:
يحول الحدود من خط هش إلى حيز ثلاثي الأبعاد (أرض - تحت أرض - فوق أرض).
- حرب القوافل: تحول
الصحراء من منطقة مفتوحة إلى شبكة ذكاء اصطناعي قاتلة.
- الدرع البحري:
يحوّل التهديدات العالمية إلى فرصة لتعزيز النفوذ الدولي.
في النهاية، هذه الآلة
الأمنية الضخمة لا تهدف فقط لمنع الخطر، بل لخلق فائض أمني يسمح لمصر بالتنمية في
الداخل والقيادة في الإقليم. إنها هندسة لم تُبنَ بالأسمنت والفولاذ فقط، بل
بالإرادة التي ترفض أن تكون مصر ساحة لأزمات الآخرين. هنا، على حدود متوترة، يُعاد
تعريف معنى الأمن في القرن الحادي والعشرين: ليس تحصين الحدود فحسب، بل تحويلها
إلى منصة للقوة الناعمة والصلبة في آنٍ واحد.
القسم 3: قيادة إقليمية..
مصر تلعب بورقة الحكمة
مبادرات الوساطة
الناجحة:
- صفقة تبادل أسرى
غزة 2023:
مصر تفاوضت لإطلاق 240
أسيراً فلسطينياً مقابل 105 أسير إسرائيلي.
- قنطرة الحياة الإنسانية:
فتح معبر رفح لتوصيل 15,000 شاحنة مساعدات لغزة
(الأمم المتحدة).
- مؤتمر المصالحة
الليبية:
إعادة توحيد المؤسسات العسكرية بعد 7 سنوات من
الانقسام.
مشهد البداية: في غرفة
العمليات الخفية
في قاعة مكيفة تحت أرض
القاهرة، حيث تُختزن أسرار الشرق الأوسط، يجلس دبلوماسيون مصريون أمام شاشات تعرض
خرائط حرارية لغزة وطرق قوافل في الصحراء الليبية. هنا، في هذه الغرفة التي لا
يعرفها إلا القليل، تُصنع المعجزات الإنسانية والسياسية. هذه ليست دبلوماسية
التقارير الرسمية، بل هي جراحة سياسية دقيقة تنقذ أرواحاً وتعيد بناء أوطان.
1. صفقة الأحياء:
لعبة الشطرنج الإنساني بين غزة وتل أبيب:
(أعقد تبادل أسرى
منذ عقد)
التفاصيل التي لم تُروَ:
- 105 أسير إسرائيلي
(بينهم أطفال ونساء مسنات) كانوا محاصرين في أنفاق حماس.
- 240 فلسطينياً
(معظمهم أطفال اعتُقلوا في تظاهرات) سُجِنوا في سجون "عوفر"
الصهيونية.
- المفاوض المِصري
جلس 72 ساعة متواصلة بين غرفتين: في إحداها قادة حماس يتنفسون هواء غزة، وفي
الأخرى عملاء "الموساد" يحملون أوامر من تل أبيب.
فن التوقيت المنقذ:
عندما كادت المحادثات تنهار
بسبب خلاف على 3 أسرى، اقترح المصريون صيغة "التبادل المتدرج":
- إطلاق سراح 50
فلسطينياً مقابل 20 إسرائيلياً كـ"دفعة ثقة".
- وقف إطلاق نار
محدود لـ48 ساعة لضمان التبادل.
- ضمانات من القاهرة
بحماية الأسرى المحررين من الملاحقة.
المعنى العميق:
لم تكن مجرد أرقام، بل كانت
رسالة: مصر قادرة على اختراق جدران الكراهية حتى في ذروة الحرب.
2. معبر رفح: شريان
الحياة في جسد غزة المحطم
(المعبر الذي تحول
إلى أيقونة بقاء)
مشهد يُذيب القلب:
في صباح يوم 15 نوفمبر
2023، كانت أول شاحنة مساعدات مصرية تحمل 60 طن من الدقيق والعلاج تتوقف عند الخط
الفاصل
هندسة الأمل:
- شبكة أنفاق
لوجستية معجزة: 5 مسارات متوازية (طبي - غذائي - وقود - مواد بناء - إنساني).
- مختبرات متنقلة
على الحدود لفحص المساعدات خلال 30 دقيقة بدلاً من 3 أيام.
- جسر جوي
مصري-أردني ينقل أدوية السرطان من عمان إلى رفح في 90 دقيقة.
الأرقام التي تتكلم:
15,000 شاحنة =
- 270,000 طن دقيق
(تكفي لخبز 2 مليار رغيف).
- 3 ملايين علبة
حليب أطفال.
- 100 مستشفى
ميداني.
هنا لم تكن مصر مجرد دولة،
بل كانت الملاذ الأخير لمليوني إنسان تحت الحصار.
3. مؤتمر القاهرة
الليبي: لم الشمل المستحيل
(إعادة لملمة دولة
مزقتها 7 سنوات حرب أهلية)
الخلفية المأساوية:
ليبيا 2023:
- جيشان:
"حفتر" في الشرق و"طرابلس" في الغرب.
- 3 برلمانات
متنافسة.
- مليشيات مسلحة
أكثر من عدد المدارس.
العبقرية المصرية:
بدلاً من مؤتمر تقليدي،
ابتكر المصريون نموذج "المصالحة العكسية":
1. توحيد المؤسسة
العسكرية الليبية أولاً:
2. خريطة تهديد
مشترك: كشف مستندات عن تدخلات تركية وروسية تهددهم جميعاً.
3. صفقة الطاقة:
توزيع عائدات النفط عبر مصرف مصري محايد.
اللحظة الفاصلة:
عندما رفض قائد "لواء
طرابلس" مصافحة خصمه من بنغازي، قدم المفاوض المصري حلاً:
"ليصافحا
ابنيهما اللذين يدرسان في جامعة القاهرة". في تلك اللحظة، تحول الكراهية إلى
دموع ( مشهد تخيلي للدور المصري في ملف المصالحة اليبية بين الشرق و الغرب ).
الخلاصة: فلسفة القوة
الناعمة:
هذه المبادرات الثلاث تكشف
عن نموذج مصري فريد في إدارة الأزمات:
- الوساطة الحيوية:
لا تنتظر انتهاء الحروب (صفقة التبادل أثناء القصف).
- الدبلوماسية
الإنسانية: تحويل المساعدات إلى عمل سياسي (معبر رفح كأداة ضغط).
- الوحدة بالتهديد
المشترك: كشف الأعداء الخفيين لخلق مصلحة وطنية عليا (النموذج الليبي).
مصر لم تعد مجرد دولة
وسيطة، بل أصبحت جرّاحاً إقليمياً يجيد إيقاف النزيف السياسي، وزرع بذور المصالحة،
وتجبير كسور الأمم. في قاعات التفاوض المصرية، تُكتب نهايات مختلفة للحروب: ليس
بانتصار طرف على آخر، بل بانتصار الحياة على الموت. هنا، حيث تلتقي إرادة السلام
مع حكمة الأمة المصرية، تُبنى جسور الأمل فوق أنقاض اليأس.
القسم 4: اقتصاد ينمو في
زمن الأزمات
مؤشرات التحول
الاقتصادي:
- ثورة البنية
التحتية:
10,000 كم طرق جديدة
(ضعف شبكة الطرق قبل 2014).
- السياحة تعود
بقوة:
رقم قياسي بـ 14.9 مليون
سائح عام 2023 (وزارة السياحة).
- قناة السويس تحطم
الأرقام:
إيرادات قياسية بلغت 9.4 مليار دولار عام
2023.
المشهد الافتتاحي: ورشة عمل
قارة:
في فجر أحد أيام 2023،
بينما كانت شمس الصحراء تلمع على أسطح 500 لودر تعمل بالتزامن، كان مشهد مصر يشبه
جسداً عملاقاً يستيقظ من سباته: شاحنات تسير على طرقٍ لم تكن موجودة بالأمس، سيّاح
يتدفقون على معابد كانت شبه مهجورة، وسفن عملاقة تعبر قناةً حفرها أجدادهم قبل 154
عاماً – الآن تُحطم أرقاماً قياسية جديدة. هذه ليست تنمية عادية، بل هي إعادة
تشكيل جيولوجي للاقتصاد المصري.
1. ثورة الطرق: حين
تتحول الصحراء إلى شبكة عصبية ذهبية
(أعظم عملية شق طرق
في تاريخ الشرق الأوسط)
مشهد يختصر المعجزة:
سائق شاحنة يدعى "عبد
الباسط" من أسيوط، كان يستغرق رحلته إلى الإسكندرية 14 ساعة في 2014. اليوم،
وهو يسير على كوبري "تحيا مصر" - الأعرض في العالم - يصل في 6 ساعات
فقط. تحت عجلاته:
- 10,000 كم من
الأسفلت الجديد - ما يعادل الطواف حول ربع الكرة الأرضية.
- 57 كوبرياً
عملاقاً تخترق المدن كالإبر الجراحية.
- طرق دائرية حول
القاهرة تمتص اختناقات كانت تخنق الاقتصاد.
الفلسفة الخفية:
هذه الشبكة ليست مجرد
أسفلت:
- شريان حياة
للمشاريع العملاقة (تنقل معدات العاصمة الإدارية والدلتا الجديدة).
- مختبر لوجستي
يختصر زمن الشحن من 48 ساعة إلى 12 ساعة.
- نزيف أوقفته: كان
يُهدر 8% من الناتج القومي سنوياً في الزحام.
2. عودة أبوالهول
السياحية: عندما تصبح الآثار ساحات رقص
(الرقم الذي يروي
قصة صمود)
مشهد ساحر في الأقصر:
في معبد الكرنك، حيث كانت
القاعة ذات الأعمدة تستقبل 20 سائحاً يومياً عام 2016، تجد اليوم 200 سائح من 40
دولة يلتقطون الصور تحت أنغام "ألحان مصرية" لفرقة موسيقية محلية. خلف
هذا المشهد:
- 14.9 مليون سائح
في 2023 - ضعف رقم 2019 قبل الجائحة.
- 500 فندق جرى
تحديثهم - بعضهم يحمل علامات "أفضل استضافة عالمية".
- خط طيران مباشر من
سيول إلى الأقصر يحمل رحلات أسبوعية ممتلئة.
التحول الاستراتيجي:
هذه ليست سياحة
تقليدية:
- "السياحة
العلاجية" في واحة سيوة تجذب الأوروبيين.
- رحلات كروز النيل
الفاخرة.
- اقتصاد موازٍ: 2
مليون مصري يعملون في قطاع سياحي متجدد.
السر الأمني:
العودة القياسية نتيجة
معادلة ذهبية:
(أمن غير مسبوق +
بنية تحتية فائقة) × تسهيلات التأشيرة الإلكترونية
3. قناة السويس:
الشريان الذي يخترق اقتصاد العالم
(الرقم الذي يُذهل
الخبراء: 9.4 مليار دولار)
مشهد بحري مذهل:
في الإسماعيلية، تشاهد سفينة
حاويات دانماركية عملاقة (طولها 400 متر) تعبر القناة الجديدة بسلاسة، بينما ترسو
خلفها 15 سفينة في انتظار الدور. هذه اللوحة اليومية تختزن وراءها:
- زيادة 35% في
الإيرادات عن عام 2020 (9.4 مليار دولار).
- عبور 25,000 سفينة
سنوياً - سفينة كل 22 دقيقة.
- مشروع "تطوير
الجنوب" لتعميق القناة لاستقبال سفن أضخع.
العبقرية اللوجستية:
القناة لم تعد مجرد ممر
مائي:
- منطقة صناعية ضخمة
غرب القناة تنتج وقود السفن.
- مركز بيانات يتحكم
في حركة الملاحة العالمية.
- مشروع
"المنصة الذكية": تتبع السفن بالأقمار الصناعية لحظة بلحظة.
الصدمة الجيوسياسية:
بينما تخنق هجمات الحوثي
باب المندب، أصبحت القناة ممر النجاة العالمي:
- 30% من حاويات
العالم تعبرها.
- اختصار 15 يوماً
من رحلة أوروبا - آسيا.
- أموال العبور
تُوّلد استثمارات جديدة في الطاقة والطيران.
الخلاصة: تشريح معجزة
اقتصادية
هذه المؤشرات الثلاثة
(الطرق - السياحة - القناة) تُشكل مثلثاً ذهبياً:
- الطرق: العمود
الفقري للاقتصاد الداخلي.
- السياحة: القلب
النابض للعملة الصعبة.
- القناة: الشريان
الحيوي للاقتصاد العالمي.
في عقد واحد فقط، تحولت مصر
من دولة تعاني من "اختناقات تاريخية" إلى نموذج يُدرّس في كليات
الاقتصاد:
- حيث تُختصر
المسافات الزمنية إلى النصف.
- حيث تُحول الآثار
القديمة إلى محركات دخل حديثة.
- حيث قناة القرن
التاسع عشر تُهزم تحديات القرن الحادي والعشرين.
هذا ليس نمواً اقتصادياً
عادياً، بل هو إعادة تعريف للجغرافيا الاقتصادية لمصر: تحويل الموقع الاستراتيجي
من لعنة (بين بؤر الصراع) إلى نعمة (جسر بين قارات العالم). اليوم، بين طرق تمتد
كشرايين ذهبية، وسياح يعودون كسيل من العملة الصعبة، وسفن تدفع العملة الصعبة لقناة السويس الحديثة، تُبنى أسطورة مصر
الجديدة: أمة تحفر مستقبلها بإرادة لا تعرف المستحيل.
القسم 5: إحياء التراث..
مصر تروي حضارتها للعالم
مشروعات ثقافية
عالمية:
- المتحف المصري
الكبير (GEM):
أكبر متحف للآثار في العالم
(500,000 قطعة أثرية).
- طريق الكباش:
إحياء أقدم طريق احتفالي في
التاريخ (بطول 2.7 كم).
- مهرجان الأقصر
للسينما الأفريقية:
منصة دولية تعزز الحوار
الحضاري.
تُعد مصر، بتاريخها الحضاري
العريق الذي يمتد لآلاف السنين، منارة للثقافة والتاريخ على مر العصور. وفي
السنوات الأخيرة، انخرطت البلاد في مشروعات طموحة تهدف إلى الحفاظ على تراثها
الغني واستعادته وعرضه للعالم بأسره. لا تقتصر هذه المبادرات على حماية الماضي
فحسب، بل تسعى أيضًا إلى تعزيز الحوار الثقافي والتفاهم في العصر الحديث. ومن بين
هذه المشروعات البارزة: المتحف المصري الكبير، وإحياء طريق الكباش، ومهرجان الأقصر
للسينما الأفريقية. يُمثل كل من هذه المشروعات شهادة على التزام مصر بإرثها
الثقافي ودورها على الساحة العالمية.
يُعد المتحف المصري الكبير،
المعروف اختصارًا بـ "GEM"،
أحد أكبر المتاحف الأثرية في العالم، وهو مشروع ضخم يهدف إلى إنشاء صرح ثقافي يضم
أكثر من 500,000 قطعة أثرية من الحضارة المصرية القديمة. يقع المتحف بالقرب من
هضبة الجيزة، على مشارف القاهرة، مما يجعله في موقع استراتيجي قريب من أحد أهم
المعالم الأثرية في العالم، وهي الأهرامات. لقد كان بناء هذا المتحف تحديًا
هائلاً، حيث استلزم استخدام أحدث التقنيات وتعاونًا دوليًا واسع النطاق لضمان
تحقيق أعلى معايير الجودة في العرض والحفظ. سيضم المتحف معروضات تمتد من عصور ما
قبل التاريخ وحتى العصر الروماني، مع تركيز خاص على كنوز الملك توت عنخ آمون، بما
في ذلك العديد من القطع التي لم يسبق عرضها للجمهور من قبل. لكن المتحف المصري
الكبير ليس مجرد مستودع للقطع الأثرية؛ بل هو مركز تعليمي وثقافي متكامل، يحتوي
على مرافق بحثية متقدمة، ومختبرات للترميم، وعروض تفاعلية تجعل تجربة الزائر غنية
ومثيرة. من المتوقع أن يُحدث المتحف، عند افتتاحه، ثورة في مفهوم المتاحف، وأن يجذب
ملايين الزوار من جميع أنحاء العالم، مما يعزز مكانة مصر كوجهة ثقافية وسياحية
رائدة.
ثم ننتقل إلى طريق الكباش،
المعروف أيضًا باسم "ممر الأسود"، وهو طريق احتفالي يمتد لمسافة 2.7
كيلومتر، وكان يربط بين معبد الكرنك ومعبد الأقصر في طيبة القديمة، التي تُعرف اليوم
بمدينة الأقصر. كان هذا الطريق يُستخدم في الاحتفالات الدينية والمهرجانات، ولا
سيما مهرجان الأوبت، حيث كانت التماثيل تُحمل في موكب مهيب بين المعبدين. كان
الطريق مزينًا بمئات التماثيل على شكل أسود برؤوس كباش، ترمز إلى آمون، مما جعله
مشهدًا مهيبًا في عصره الذهبي. على مر القرون، تعرض طريق الكباش للإهمال ودُفن تحت
طبقات من الرمال والتوسع العمراني. ولكن، من خلال مشروع إحياء هذا الطريق
التاريخي، تمت أعمال حفر وترميم وصيانة واسعة النطاق لاستعادته إلى مجده السابق. بعدما
إنتهي المشروع، تمكن الزوار من السير على نفس المسار الذي سلكه المصريين القدماء
والكهنة منذ آلاف السنين، مما يوفر لهم تجربة فريدة تربطهم بشكل ملموس بتاريخ مصر
القديم.
أما مهرجان الأقصر للسينما
الأفريقية، الذي أُنشئ في عام 2012، فقد أصبح بسرعة حدثًا بارزًا في التقويم
السينمائي العالمي. يُقام المهرجان سنويًا في مدينة الأقصر التاريخية، ويهدف إلى
الترويج للسينما الأفريقية وتعزيز التبادل الثقافي بين الدول الأفريقية وبقية
العالم. يوفر المهرجان منصة للمخرجين الأفارقة لعرض أعمالهم، التي غالبًا ما
تتناول موضوعات تتعلق بالثقافات المتنوعة والتاريخ والقضايا المعاصرة في القارة.
يشمل المهرجان عروضًا للأفلام، وورش عمل، وندوات نقاشية، مما يجذب صناع الأفلام
والنقاد ومحبي السينما من مختلف أنحاء العالم. ومن خلال تسليط الضوء على القصص
والأصوات الأفريقية، يساهم مهرجان الأقصر في تعزيز الفهم والتقدير للتراث الثقافي
الغني لأفريقيا، ويعمل كجسر للتواصل بين الثقافات المختلفة.
الخلاصة، تُجسد هذه
المشروعات الثلاثة—المتحف المصري الكبير، وإحياء طريق الكباش، ومهرجان الأقصر
للسينما الأفريقية—التزام مصر الراسخ بالحفاظ على تراثها الثقافي والتفاعل مع
العالم المعاصر. تُعد هذه المبادرات بمثابة جسور تربط بين الماضي والحاضر، وتوفر
فرصًا للتعليم والسياحة والحوار الثقافي. ومع استمرار مصر في الاستثمار في مثل هذه
المشروعات، فإنها لا تكرم تاريخها فحسب، بل تُثري أيضًا المشهد الثقافي العالمي،
وتعزز مكانتها كمركز حضاري عالمي.
القسم 6: رسالة أمل لمستقبل
المنطقة
رؤية لمستقبل الشرق
الأوسط:
- مشروع اليوم
التالي": مبادرات لإعادة إعمار غزة بعد الحرب.
- مركز مصري لإدارة
الأزمات الإقليمية.
- تحالف إقليمي
لمكافحة الإرهاب.
في قلب مدينة الأقصر
المصرية، حيث تلتقي العصور القديمة بالحاضر، أقيمت احتفالية مهيبة لإعادة افتتاح
طريق الكباش، الذي يعد أحد أبرز المعالم التاريخية في مصر. هذا الطريق، الذي يمتد
لمسافة 2.7 كيلومتر بين معبد الكرنك ومعبد الأقصر، كان في الماضي مسرحًا
للاحتفالات الدينية والمهرجانات التي كانت تقام في طيبة القديمة. بعد سنوات من
الإهمال، تم إحياء هذا الطريق من خلال مشروع ترميم وصيانة واسع النطاق، ليعود إلى
مجده السابق كرمز للتراث الثقافي المصري. خلال الاحتفالية، رفع الشباب المصري علم
مصر بفخر، معبرين عن اعتزازهم بتاريخ بلادهم وثقافتهم العريقة، وذلك بحسب ما أفادت
به وزارة الشباب. هذا الحدث لم يكن مجرد احتفال بالماضي، بل كان أيضًا تأكيدًا على
دور مصر المستقبلي في المنطقة، حيث تسعى البلاد إلى تعزيز الاستقرار والتنمية
والأمن في الشرق الأوسط.
وفي هذا السياق، تبرز رؤية
مصر لمستقبل الشرق الأوسط كخطة طموحة تهدف إلى تحقيق السلام والازدهار في المنطقة.
تبدأ هذه الرؤية بمشروع "اليوم التالي"، الذي يركز على إعادة إعمار غزة
بعد الحرب. يتضمن المشروع مبادرات متعددة لإعادة بناء البنية التحتية المتضررة،
مثل المدارس والمستشفيات والمنازل التي دمرتها النزاعات، وتوفير المساعدات
الإنسانية للسكان المتضررين، مثل الغذاء والدواء والمأوى. ليس هذا فحسب، بل يسعى
المشروع أيضًا إلى دعم الاقتصاد المحلي من خلال خلق فرص عمل جديدة وتشجيع
الاستثمارات في المنطقة، مما يساهم في إعادة الحياة إلى المجتمع الفلسطيني في غزة.
كما يهدف المشروع إلى تعزيز الاستقرار السياسي والاجتماعي، من خلال دعم الحوار بين
الأطراف المعنية وتشجيع الحلول السلمية للنزاعات المستمرة.
إلى جانب ذلك، تشمل الرؤية
إنشاء مركز مصري لإدارة الأزمات الإقليمية، والذي سيكون بمثابة منصة مركزية
للتنسيق بين الدول المعنية للتعامل مع الأزمات والكوارث التي قد تهدد المنطقة.
سيقدم هذا المركز الدعم اللوجستي والتقني، مثل توفير المعدات والخبراء في حالات
الطوارئ، ويعمل على تبادل المعلومات بين الدول لضمان استجابة سريعة وفعالة. كما
سيركز المركز على تطوير استراتيجيات مشتركة للوقاية من الأزمات وإدارتها، سواء
كانت هذه الأزمات طبيعية مثل الزلازل والفيضانات، أو من صنع الإنسان مثل الحروب
والأزمات الاقتصادية. من خلال هذا المركز، تسعى مصر إلى تعزيز قدرتها وقدرة
المنطقة على مواجهة التحديات المستقبلية بكفاءة وتنسيق عاليين.
أخيرًا، تتضمن الرؤية إنشاء
تحالف إقليمي لمكافحة الإرهاب، وهو مبادرة تهدف إلى تعزيز التعاون بين الدول
المشاركة في مجالات الأمن والاستخبارات. سيركز هذا التحالف على تبادل المعلومات
حول التهديدات الأمنية، وتطوير استراتيجيات مشتركة لمكافحة الإرهاب والتطرف، مثل
العمليات العسكرية المشتركة أو الحملات الوقائية. لكن التحالف لا يقتصر على الجانب
الأمني فقط، بل يسعى أيضًا إلى معالجة الأسباب الجذرية للإرهاب، مثل الفقر
والبطالة ونقص التعليم، من خلال برامج تنموية وتثقيفية تهدف إلى تحسين مستوى
المعيشة ونشر الوعي بين الشباب. هذا التحالف سيكون خطوة حاسمة نحو تحقيق الأمن
والاستقرار في المنطقة، وتعزيز التعاون الإقليمي لمواجهة التحديات المشتركة التي
تهدد سلامة الشعوب.
من خلال هذه المبادرات،
تؤكد مصر على دورها الريادي في الشرق الأوسط، مستلهمة من تاريخها العريق وتراثها
الثقافي الذي تجسده احتفالية طريق الكباش، ومستندة إلى رؤية مستقبلية طموحة تهدف
إلى بناء منطقة أكثر استقرارًا وازدهارًا. فالاحتفال بإعادة افتتاح طريق الكباش
ليس مجرد احتفاء بالماضي، بل هو تعبير عن الأمل والتطلع نحو مستقبل أفضل لمصر
وللمنطقة بأسرها، حيث تسعى البلاد إلى أن تكون قوة فاعلة في تعزيز السلام والتنمية
والأمن على المستوى الإقليمي.
الخاتمة: مصر.. واحة الأمل
في صحراء الأزمات
بينما تشتعل النيران في
جوارنا، يقدّم الرئيس السيسي نموذجاً فريداً: بناء دولة حديثة دون إغفال دورها
الحضاري. مصر لم تعد مجرد دولة.. إنها رسالة أمل لكل المنطقة."
بين الرماد والأمل: مصر..
رسالة الرئيس السيسي إلى عالم مضطرب
في قلب شرقٍ أوسطٍ يغلي
بالصراعات - حيث تُحاصر غزة بدخان الصواريخ، وترتجف لبنان تحت وطأة الانهيار،
ويدور اليمن في حلقة الدم - تطل مصر من برجها العالي بوجهٍ مختلف. إنها
"معجزة التوازن" التي حفرها فخامة السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي بعمق
في جسد الأمة: كيف تبني دولتك الحديثة بينما تراقب جيرانك ينهارون؟
مشهدٌ ينقسم إلى
نصفين:
في الجنوب.. الأقصر تستقبل
آلاف السائحين في طريق الكباش، تتوهج الأعمدة الفرعونية تحت أضواء الليزر، وتُسمع
ألحان المزمار القديم تعانق نغمات الأوركسترا الحديثة. بينما في الشمال.. معبر رفح
يشهد طوابير الشاحنات المحمَّلة بالدقيق والدواء، وسط دويٍّ بعيد لانفجاراتٍ لم
تتوقف منذ أشهر. هذا ليس تناقضًا.. إنه "فن إدارة المستحيل".
السيسي.. مهندس
"المعجزة المزدوجة":
1. اليد التي
تبني:
- بينما كانت دول
الجوار تُجّمد مشاريعها بسبب الأزمات، كان الرافعات المصرية تُغيّر خريطة
الوطن:
"العاصمة
الإدارية" تخرج من رحم الصحراء بقبابها الزجاجية وشوارعها الذكية.
"الدلتا
الجديدة"* تحوّل الرمال إلى حقول قمح تموج بالخضرة.
"الطرق
العملاقة" تشق الجبال لتربط سيناء بالوادي.
2. اليد التي تمسك
السيف:
- على الحدود الشرقية..
جدران فولاذية تحت الأرض بعمق 30 مترًا لصد الإرهاب.
- في البحر الأحمر..
أسطول مصري يحرس خط الملاحة العالمي من هجمات الميليشيات.
- في سماء سيناء..
طائرات بدون طيار ترسم شبكة أمان لا تُخترق.
لماذا مصر ليست "مجرد
دولة"؟
لأنها تحمل رسالة حضارية
فريدة:
- عندما نقلنا موكب
المومياوات في مشهدٍ مهيب، لم نكن ننقل رفات ملوك.. كنا نبعث رسالة للعالم:
"هذه الأرض التي حفظت ماضيها.. قادرة أن
تحافظ على حاضرها".
- عندما افتتحنا
المتحف المصري الكبير، لم نكن نعرض آثارًا.. كنا نصنع "حصن الثقافة" في
مواجهة بربرية التطرف.
"الاستقرار
المصري ليس صدفةً.. إنه محصلة 10 سنوات من:
> - رؤية واضحة
(رؤية 2030).
> - إرادة
فولاذية (مواجهة الإرهاب).
> - حكمة إقليمية
(وساطات ناجحة)."
كيف أصبحت مصر "رسالة
أمل"؟
1. نموذج اقتصادي
معجز:
- بينما انكمش
اقتصاد لبنان 58%، نما الاقتصاد المصري 4.2% (2023).
- بينما عانت سوريا
من انهيار الليرة، ارتفع الاحتياطي النقدي المصري إلى 49 مليار دولار.
2. دبلوماسية
"الجدار الناعم":
- في غزة.. مصر لم تكتفِ
بوقف إطلاق النار، بل أطلقت "مبادرة إعمار غزة" قبل أن تهدأ
المدافع.
- في السودان.. لم تنتظر
مصر انتهاء الحرب، بل جهزت "مستشفيات الحدود" لاستقبال الجرحى.
3. قوة الجذب
الحضاري:
- 14.9 مليون سائح عام 2023
يشهدون: مصر هي البلد العربي الوحيد الذي زادت سياحته رغم الحروب.
- عندما سُئل سائح ألماني
في الأقصر: "لماذا مصر؟" أجاب: "لأرى كيف تبنى الحضارات.. وتنتصر
على الخوف".
شارك المعجزة!:
هذه القصة لا تخص المصريين
وحدهم.. إنها "دليل بقاء" لكل الأمم التي تواجه العواصف. عندما تُشارك
هذا المقال:
1. أنت لا تنقل
كلمات.. أنت تُضيء شمعة في ظلام المنطقة.
2. أنت تُعلّم
العالم أن "المستحيل" كلمة وُلدت في قاموس الهزيمة.. أما في قاموس
الإرادة المصرية فمعناها "التحدي".
3. أنت تُذكّر
الأجيال الجديدة بأن أرض الكنانة – تحت قيادة فخامة السيد الرئيس عبد الفتاح
السيسي – أعادت كتابة قواعد اللعبة:
لا تنتظر العاصفة لتمر..
ابْنِ سفينتك أثناء المطر!
من عمق التاريخ.. بصيرة
المستقبل
في متحف آثار مكتبة
الإسكندرية، هناك عملة رومانية قديمة نُقش عليها:
"مصر هبة
النيل".. اليوم، بعد ألفي عام، يستحق نقشٌ جديد أن يُخلَّد:
"مصر هبة إرادة
شعب.. وقائد حوّل العواصف إلى أشرعة".
شارك هذه الرسالة.. فلعل
كلمةً واحدةً منها تُلهِم شابًّا في بيروت، أو طفلةً في غزة، أو مفكرًا في دمشق..
أن "الأمل" ليس خيالًا.
مصر أثبتت أنه حقيقة تُبنى
بالإرادة.
لماذا هذه القصة تستحق
الانتشار؟
لأن العالم يسمع دائمًا عن
"نيران الشرق الأوسط"..
حان الوقت ليسمع عن
"الفانوس المصري" الذي يُضيء في عتمتها.
انشرها الآن: ليكون صوت مصر
هو الصوت الأعلى!
تعليقات
إرسال تعليق