الدور المصري في دعم استقرار القرن الأفريقي

 

تعزيز العلاقات بين مصر، إريتريا، و الصومال لمواجهة التحديات الأمنية و الإقليمية، مع التركيز على التنمية المشتركة، استقرار القرن الأفريقي، و أمن البحر الأحمر.

قراءة في زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي لإريتريا و القمة الثلاثية مع الصومال

 

مقدمة المقال:

 

تأتي زيارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى العاصمة الإريترية أسمرة استجابة لدعوة الرئيس الإريتري أسياس أفورقي، حيث تناولت الزيارة جوانب متعددة من التعاون بين البلدين، بالإضافة إلى بحث الأوضاع الإقليمية الراهنة.

 

تعد هذه الزيارة خطوة مهمة في إطار تعزيز العلاقات المصرية الإريترية ودعم جهود الاستقرار في منطقة القرن الأفريقي، و هي منطقة تمثل أهمية استراتيجية للأمن البحري و الاقتصادي، خاصة في البحر الأحمر.

 

و قد تم عقد عدة اجتماعات ثنائية وثلاثية بمشاركة الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود، حيث تركزت النقاشات حول قضايا إقليمية و دولية، في مقدمتها الأزمة السودانية، و مواجهة الإرهاب في الصومال، و ضمان أمن البحر الأحمر و مضيق باب المندب.

 

من خلال هذه المقالة، نستعرض بالتفصيل هذه الزيارة الهامة و البيانات المشتركة و الإعلانات السياسية التي نتجت عنها، مع تحليل لدور مصر الإقليمي في تعزيز الاستقرار و التعاون التنموي و الأمني في القرن الأفريقي.

 

أولاً: أهداف زيارة الرئيس السيسي لإريتريا

 

تمثل زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي لإريتريا خطوة محورية في تعزيز العلاقات الثنائية بين القاهرة و أسمرة.

 

جاءت الزيارة تلبية لدعوة من الرئيس الإريتري أسياس أفورقي، و هدفت إلى تعميق التعاون في مجالات متنوعة، بما في ذلك التعاون السياسي، الاقتصادي، و الأمني.

 

إضافةً إلى ذلك، تم التطرق إلى الأوضاع الإقليمية الراهنة مثل الأزمات في القرن الأفريقي و البحر الأحمر، حيث تم التأكيد على أهمية الاستقرار الإقليمي كمحور رئيسي لتحقيق التنمية المستدامة في المنطقة.

 

من أبرز النقاط التي تم مناقشتها هي ضرورة تعزيز التعاون الثنائي لتحقيق التنمية والازدهار، وذلك من خلال تعزيز التنسيق السياسي بين البلدين في القضايا الإقليمية و الدولية.

 

و من خلال البيان المشترك الصادر عن مصر و إريتريا، تم التأكيد على أهمية احترام سيادة الدول و عدم التدخل في شؤونها الداخلية، فضلاً عن خلق مناخ ملائم للتنمية المشتركة و المستدامة.

 

ثانياً: بيان مشترك بين مصر و إريتريا

 

أسفر اللقاء بين الرئيسين السيسي و أفورقي عن صدور بيان مشترك يبرز أبرز النقاط التي تم الاتفاق عليها، و منها:

 

1.الاحترام المطلق لسيادة الدول:

 

تم التأكيد على الالتزام بالقانون الدولي و الابتعاد عن التدخل في شؤون الدول الداخلية.

 

2.تعزيز التعاون الثنائي:

 

التزام البلدين بتطوير العلاقات في شتى المجالات بما يحقق تطلعات الشعبين نحو التنمية.

 

3.التنسيق الدبلوماسي:

 

الاتفاق على تكثيف التشاور السياسي بين البلدين حول القضايا الإقليمية و الدولية، وإنشاء لجنة تشاور سياسي تجمع وزيري الخارجية من البلدين لتعزيز التواصل و التنسيق المستمر.

 

ثالثاً: الإعلان السياسي بين مصر و الصومال

 

على هامش زيارة الرئيس السيسي إلى إريتريا، التقى الرئيس المصري بنظيره الصومالي حسن شيخ محمود، و أصدرا إعلاناً سياسياً مشتركاً تمحور حول القضايا الأمنية و التنموية في الصومال.

 

و كان من أبرز محاور الإعلان:

 

1.دعم وحدة و سيادة الصومال:

 

أكدت مصر دعمها لوحدة أراضي الصومال و رفضها لأي تدخلات خارجية تهدد استقرار الدولة.

 

2.تعزيز القدرات العسكرية الصومالية:

 

تم التأكيد على أهمية تمكين الجيش الفيدرالي الصومالي لمواجهة الإرهاب و حماية حدوده البرية و البحرية.

 

3.رفع حظر تصدير السلاح إلى الصومال:

 

رحبت مصر و الصومال بقرار مجلس الأمن رقم 2714 الذي يرفع حظر تصدير السلاح إلى الصومال، مما يعزز قدرة الدولة الصومالية في مواجهة الإرهاب.

 

4.التنسيق الأمني بعد انسحاب بعثة الاتحاد الأفريقي:

 

تم الاتفاق على دعم مصر لجهود الصومال في مرحلة ما بعد انتهاء ولاية بعثة الاتحاد الأفريقي (ATMIS)، و الترحيب بمشاركة مصر في بعثة AUSSOM لدعم الاستقرار.

 

رابعاً: القمة الثلاثية بين مصر وإريتريا والصومال

 

اجتمع الرؤساء الثلاثة، الرئيس السيسي و أفورقي و حسن شيخ محمود، في قمة ثلاثية تناولت قضايا إقليمية و دولية، مثل الأزمة السودانية و تأثيرها على استقرار المنطقة، و الوضع الأمني في البحر الأحمر.

 

تم التأكيد على أهمية تعزيز التعاون بين الدول الثلاث لضمان استقرار القرن الأفريقي و حماية الممرات المائية الحيوية، مثل مضيق باب المندب.

 

و في هذا السياق، تم الاتفاق على إنشاء لجنة ثلاثية مشتركة بين وزراء خارجية الدول الثلاث لتعزيز التعاون الاستراتيجي في كافة المجالات.

 

خامساً: دور مصر في القرن الأفريقي

 

يعكس دور مصر في هذه الاجتماعات التزامها بمساندة استقرار القرن الأفريقي، و هو ما تجلى من خلال:

 

مواجهة الإرهاب في الصومال:

 

دعم الجيش الصومالي و تطوير قدراته يعزز من قدرة البلاد على التصدي للإرهاب و التحديات الأمنية الداخلية.

 

التنسيق الإقليمي حول البحر الأحمر:

 

نظراً لأهمية البحر الأحمر و مضيق باب المندب كممرات بحرية حيوية، فإن مصر تسعى لضمان استقرار المنطقة و تأمين تلك الممرات من أي تهديدات.

 

الخلاصة:

 

زيارة الرئيس السيسي لإريتريا و الاجتماعات الثنائية و الثلاثية التي أجريت مع قيادات إريتريا و الصومال تمثل خطوة هامة في تعزيز الاستقرار الإقليمي.

 

تناولت القمة القضايا الأمنية و التنموية المشتركة، و تم التأكيد على تعزيز التعاون في مجالات الأمن، التنمية، و الدبلوماسية.

 

إن التزام مصر بمساعدة الدول الشقيقة في المنطقة يعزز من دورها كركيزة أساسية لتحقيق الاستقرار في القرن الأفريقي.

 

التوصيات:

 

1.استمرار التنسيق السياسي:

 

تكثيف التشاور الدبلوماسي بين الدول الثلاث لضمان استجابة سريعة و فعالة للتحديات الإقليمية.

 

2.تعزيز القدرات الأمنية:

 

مواصلة دعم الجيش الصومالي الوطني و توسيع نطاق التعاون الأمني بين مصر و إريتريا و الصومال.

 

3.التنمية المستدامة:

 

ضرورة التركيز على المشاريع التنموية التي تخدم شعوب المنطقة و تساهم في تحقيق ازدهار اقتصادي طويل الأمد.

 

4.التعاون البحري:

 

تعزيز التعاون بين دول البحر الأحمر لضمان أمن الممرات البحرية و حماية التجارة العالمية.

 

الخاتمة:

 

لقد أظهرت زيارة الرئيس السيسي لإريتريا و الاجتماعات اللاحقة مدى التزام مصر بتعزيز الاستقرار في منطقة القرن الأفريقي و البحر الأحمر.

 

و من خلال التنسيق الوثيق بين مصر، إريتريا، و الصومال، تأمل الدول الثلاث في تحقيق تنمية مستدامة واستقرار دائم يخدم مصالح شعوب المنطقة ويعزز من مكانة تلك الدول على الساحة الدولية.

 

تعليقات