المقدمة:
يعيش الشرق الأوسط صراعًا
معقدًا لم يشهد العالم مثيلًا له منذ عقود.
هذا الصراع تجاوز الحدود
التقليدية للنزاعات الإقليمية ليصبح صراعًا وجوديًا يؤثر في شكل القوى الدولية
والإقليمية، ومستقبل الدول والشعوب.
الأحداث التي وقعت في
السابع من أكتوبر 2023، والمعروفة بطوفان الأقصى، مثلت نقطة تحول كبرى في تاريخ
المنطقة.
في ظل التهديد المستمر الذي
تواجهه الدول الكبرى في الإقليم، تسعى حكومات مثل حكومة بنيامين نتنياهو لتحقيق
أهداف تتجاوز الوجود السياسي لتدخل في عمق مستقبل تلك الدول، و مواردها،
واستقرارها.
نص المقال:
التهديد كعامل وجودي للدول
الكبرى:
لا يمكن فصل الصراعات في
المنطقة عن مفهوم التهديدات الوجودية.
إن أي تهديد يُشكل شهادة
وفاة للدول الكبرى في الشرق الأوسط، ويجعل أي خسارة أخرى، مهما كانت قيمتها، بلا
أهمية بالمقارنة مع التهديدات الوجودية التي تواجهها.
يمكن أن نتحدث عن خسائر
بشرية كبيرة وضحايا لا تحصى، ولكن البديل هو خسائر أكبر تطال كل ما هو حيوي:
الكيان الوطني، الشعوب،
والموارد الاستراتيجية التي تشمل المياه، الطاقة، التكنولوجيا، والبنية التحتية.
الأهداف الاستراتيجية
لحكومة نتنياهو:
بنيامين نتنياهو وحكومته
يتبنون سياسة رفض التفاوض والتهدئة على الرغم من المطالبات الدولية المستمرة بذلك.
لماذا؟
لأنهم يعرفون أن الاستقرار
يعني الموت بالنسبة لكيانهم السياسي.
فهم يعتبرون أن الكيان
الإسرائيلي لا يمكنه أن يعيش في سلام أو يتبع أي التزامات دولية، لأن السلام
والاستقرار يعنيان نهاية ذلك الكيان على المدى البعيد.
هذا الصراع ليس مجرد نزاع
إقليمي عادي؛ بل هو معركة شاملة إقليمية ودولية في آنٍ واحد.
ووسط هذه المعمعة، هناك
ثلاثة أهداف رئيسية سعت حكومة نتنياهو لتحقيقها:
١- طريق
الهند-أوروبا (الممر الاقتصادي):
يعد مشروع "الممر
الاقتصادي" بديلاً عن الطريق الصيني، ويشكل تهديدًا مباشرًا لمصر و قناة
السويس، و المنطقة الاقتصادية التابعة لها.
كان هذا الطريق سيكون له
تأثير سلبي على مصر باعتبارها المتضرر الأكبر من نقل التجارة عبر هذا الممر
الجديد.
2. التطبيع مع دول
الخليج:
كان التطبيع بين الكيان الإسرائيلي
ودول الخليج هدفًا ثانيًا تسعى حكومة نتنياهو لتحقيقه.
هذا التطبيع كان سيشكل ضربة
قاضية للدول الكبرى في المنطقة مثل مصر والسعودية.
إن التبادل الاقتصادي
والسياسي الذي كان يُخطط له بين إسرائيل ودول الخليج كان سيكون كارثيًا على موازين
القوى التقليدية في المنطقة.
3. التوسع الثالث:
الهدف الثالث الذي ما زال
نتنياهو يقاتل من أجله هو التوسع الإقليمي الذي سيعيد ترتيب الأولويات والأهداف
السابقة، كما سيسهم في تعزيز السيطرة الإسرائيلية على الموارد والإقليم.
من دون هذه الأهداف، فإن
مستقبل إسرائيل سيكون مهددًا.
الصراع المستمر ومستقبل
المنطقة:
الصراع في الشرق الأوسط ليس
صراعًا مؤقتًا؛ بل هو صراع وجودي.
تسعى القوى الإقليمية
والدولية إلى إعادة تشكيل موازين القوى في المنطقة، مع تركيز كبير على الموارد
التي يتنافس الجميع للسيطرة عليها.
الدول الكبرى تسعى لتحقيق
نفوذ أكبر على الممرات التجارية، والموارد الاستراتيجية، وتحديد مسارات المستقبل.
توقعات التصعيد:
في حال استمرار التصعيد من
جانب حكومة نتنياهو، فإن الحرب الشاملة ليست مجرد احتمال، بل أصبحت حتمية.
في هذا السياق، لا يمكن لأي
دولة تحمل رفاهية التخلي عن مصالحها أو التنازل عن أراضيها أو مواردها مقابل سلام
غير مستدام.
بل إن السلام القائم على
القانون الدولي هو الخيار الوحيد، وإلا فإن الحرب قادمة لا محالة.
السؤال حول توقيت الحرب:
من وجهة نظر استراتيجية،
فإن الحرب الشاملة ستندلع عندما يقترب نتنياهو من تحقيق أهدافه الرئيسية.
وحتى الآن، لم يتمكن من
تحقيق هذه الأهداف، وبالتالي فهو مستمر في التصعيد بشكل يُهدد استقرار المنطقة
بأكملها.
عندما يقترب نتنياهو من
تحقيق أي هدف استراتيجي، فإن اندلاع الحرب يصبح أمرًا حتميًا.
الأطراف المتصارعة:
النص يشير إلى أن الحرب
ستكون بين الجميع ضد الجميع.
وهذا ليس مجرد افتراض، بل
تصريح من داخل الحكومة الإسرائيلية نفسها.
الصراع سيكون شاملاً
وموسعًا، حيث تتنافس القوى الكبرى والصغرى على النفوذ والسيطرة.
فرصة السلام:
هل هناك فرصة للسلام؟
المقال يوضح بوضوح أن
السلام لن يكون ممكنًا إلا إذا تم فرض القانون الدولي أو الأمر الواقع بالحل
العسكري، وهو ما يبدو بعيد المنال في ظل عدم قدرة المجتمع الدولي على فرضه على
حكومة نتنياهو و هذا ينزر بتفكك الأمم المتحدة و الذي كان الغرض من تأسيسها هوا
إحلال السلام العالمي.
عشرات المحاولات للتوصل إلى
اتفاق سلام باءت بالفشل، حيث تتعمد حكومة نتنياهو قلب الطاولة في اللحظة الأخيرة.
الأرض كمحور للصراع:
الأرض هي العنصر الأساسي في
هذا الصراع.
من يخسر أرضه الآن لن يتمكن
من استعادتها في المستقبل.
ومن يحافظ
على أرضه أو يموت فيها هو الفائز في النهاية.
في ظل هذه الرؤية، تتحول الأرض
إلى المحور الأساسي لكل ما يحدث، بعيدًا عن التفاصيل الصغيرة التي تتوه الرأي
العام.
الخلاصة:
الصراع في الشرق الأوسط
يتمحور حول وجود الدول الكبرى ومستقبلها.
حكومة بنيامين نتنياهو تسعى
لتحقيق أهداف استراتيجية تعزز من نفوذها الإقليمي وتضمن بقاء كيانها، بينما تدفع
المنطقة إلى صراع وجودي.
الأرض، الموارد، والممرات
الاقتصادية هي مفاتيح المستقبل، والذين يسيطرون عليها هم من سيرسمون مستقبل
المنطقة.
في ظل غياب حلول سياسية
واقعية، فإن الصدام الشامل يبدو حتميًا.
التوصيات:
1.ضرورة التحرك
الدولي:
يجب على المجتمع الدولي
تعزيز آليات الضغط على الأطراف المتصاعدة، خاصة حكومة نتنياهو، لفرض حلول مستدامة.
2.الاستثمار في
الموارد الاستراتيجية:
الدول الكبرى في الإقليم
يجب أن تركز على حماية مواردها ومصالحها الاقتصادية.
3.تفعيل القانون
الدولي:
لا يمكن الوصول إلى سلام
دون تفعيل قوانين دولية حازمة تلزم الجميع.
4.تحقيق التوازن
الإقليمي:
من الضروري العمل على إيجاد
موازين قوى جديدة تحافظ على الاستقرار في المنطقة.
5.الحفاظ على
السيادة الوطنية:
على الدول الإقليمية حماية
أراضيها ومصالحها القومية بكافة السبل الممكنة.
الخاتمة:
يعد الصراع في الشرق الأوسط
صراعًا مستمرًا حول الوجود، الموارد، والهيمنة.
إن التهديدات التي تواجهها
الدول الكبرى في الإقليم ليست مجرد تهديدات مؤقتة، بل هي تهديدات وجودية تحدد مصير
هذه الدول لعقود قادمة.
وبالنظر إلى الاستراتيجيات
الحالية لحكومة بنيامين نتنياهو، فإن الشرق الأوسط يواجه حربًا شاملة ما لم يتحرك
المجتمع الدولي لفرض السلام المستدام.
تعليقات
إرسال تعليق