يواجه التعافي العالمي بعد جائحة كوفيد-١٩ تحديات اقتصادية متعددة، وقد بدأ النمو الاقتصادي العالمي في عام ٢٠٢١ في التعافي، وعلى الرغم من هذا التعافي، فإنعام ۲۰۲۲ بدأ في وضع أضعف مما ورد في التوقعات السابقة؛ فقد تعرض الاقتصاد العالمي المنهك في الأساس من جراء الجائحة إلى عدة صدمات أخرى، تشملانتشار المتحورات الجديدة من فيروس كوفيد- ١٩، وتزايد أسعار الطاقة، والانقطاعات في سلاسل الإمداد ، ونشوب الأزمة (( الروسية ــ الأوكرانية ))
التي أثرت على إمدادات (( الغذاء - الطافة ))في غالبية دول العالم؛ مما أسهم في ارتفاع التضخم في العديد من الدول ومنها الولايات المتحدة الأمريكية، كما باتتآفاق النمو محدودة أيضًا في الصين نتيجة لموجات تفشي كوفيد - ۱۹ وإجراءات الإغلاق العام، والانكماش الجاري في قطاع العقارات، وبطء تعافي الاستهلاك الخاص.
----------------------------------------------
وهناك توقعات بأن يتعرض الاقتصاد الأوروبي إلـى ركود؛ حيث ستواجه بعض دول المنطقة نقصًا فعليا في الغاز هذا الشتاء، حتى مع ارتفاع مخزون الغاز في أوروباعن العام الماضي، فوفقًا لصندوق النقد الدولي، فإن حظر الغاز الروسي الكامل من شأنه أن يترك ألمانيا وإيطاليا والنمسا أقل بنسبة %١٥٪ من مستويات الاستهلاكالمرغوبة، وستشهد دول التشيك وسلوفاكيا والمجر نقصًا يصل إلى ٤٠٪ في الاستهلاك.
----------------------------------------------
بينما يقدر البنك المركزي الأوروبي أن القطع الكامل لإمدادات الغاز الروسي قد يتسبب في "انخفاض حاد" في الناتج المحلي الإجمالي لمنطقة اليورو في الربع الأخيرمن هذا العام والربع الأول من العام المقبل؛ مما سيسهم في انكماش بنسبة ٠٫٩٪ في عام ٢٠٢٣ ككل، وسيتعرض اثنان من أكبر الاقتصادات في منطقة اليورو إلىضربة قوية؛ حيث سينخفض الناتج المحلي الإجمالي في ألمانيا وإيطاليا بنحو ٢,٥٪ في عام ٢٠٢٣.
----------------------------------------------
وتحذر وكالة "موديز " من خطر حدوث ركود تضخمـي طويل الأمد ؛ حيث يشهد الاقتصاد العالمي تباطؤا في النمو، ويتزامن هذا التباطؤ مع ارتفاع التضخم إلى أعلىمستوياته منذ عدة عقود، مدفوعا بارتفاع أسعار السلع الأساسية، وترى الوكالة أن البنوك المركزية ستستمر في تبني سياسة نقدية تشددية مــن خــلال رفع معدلاتالفائدة، وهو ما سيؤثر سلبًا على معنويات الاستهلاك والاستثمار، وسيرفع معدلات البطالة؛ مما يؤثر على الائتمان.
----------------------------------------------
ووفقًا لأحدث تقديرات صندوق النقد الدولي في أكتوبر ٢٠٢٢، من المتوقع أن ينخفض النمو العالمي خلال عام ٢٠٢٢ ليسجل ۳۲، مقابل 4,4% في توقعات يناير٢٠٢٢.
----------------------------------------------
وقد جاءت تقديرات النمو متفاوتة بحسب الاقتصادات: ففي الاقتصادات المتقدمة تشير التقديرات إلى تحقيق نمو بنسبة ٥٢ عام ٢٠٢١ويرجع تعافي الاقتصاداتالمتقدمة إلى النمو الذي حققته الولايات المتحدة الأمريكية ومع ذلك تشير التوقعات إلى أن النمو سيتراجع خلال عام ۲۰۲۲ في الاقتصادات المتقدمة ليسجل ٢.٥% فقطفمن المتوقع أن تشهد غالبية الدول المتقدمة تباطؤا في مستويات النمو، ويعكس هذا تأثير انقطاع الإمدادات الناجم عن الأزمة الروسية - الأوكرانية، وانقطاع إجراءاتالتيسير النقدي الاستثنائي.
----------------------------------------------
وبالنسبة للاقتصادات الناشئة والدول النامية من المقدر أن يسجل النمو الاقتصادي نموا كبيرًا في ٢٠٢١ بنحو
٦.٦ مع توقعات بتراجع النمو عام ٢٠٢٢ ليصل إلى ٣.٧.
----------------------------------------------
هذا وقد شهد العالم منذ عام ٢٠٢٠ أكبر زيادة في الديون منذ الحرب العالمية الثانية، وذلك لمواجهة الأزمات الناتجة عن الجائحة، حيث ارتفع الدين الكلي العالمي إلى٢٢٦ تريليون دولار؛ نتيجة لتعرض العالم الأزمة عالمية وركود عميق؛ ففي عام ٢٠٢٠ ارتفع الدين الكلي العالمي إلى %٢٥٦٪ من إجمالي الناتج المحلي العالمي، طبقًالتقديرات صندوق النقد الدولي.
----------------------------------------------
وفي عام ۲٠٢١ ، وصل الدين الكلي العالمي إلى مستوى قياسي بلغ ۳۰۳ تريليونات دولار، وفقًا لمعهد التمويل الدولي، فقد تسبب الوباء في ارتفاع الإنفاق على تدابيرحماية الوظائف وحياة المواطنين وسبل العيش.
----------------------------------------------
وقد قفزت نسبة الدين العام العالمي إلى مستوى قياسي بلغ ۹۹.۲% من الناتج المحلى الإجمالي خلال عام ٢٠٢٠ ومن المتوقع أن يسجل ٩٤,٤٪ خلال عام ٢٠٢٢، بينماارتفع الدين الخاص من خلال الشركات غير المالية والأسر مسجلا مستويات غير مسبوقة؛ نتيجة جائحة كوفيد - ١٩ ، والأزمة الروسية - الأوكرانية، التي أدت إلى تعطيلالإمدادات الغذائية ودفع أسعار المواد الغذائية للارتفاع بشكل غيـر مسبوق مما ضغط على الدول المستوردة التي تكافح لمساعدة مواطنيها الأكثر فقرًا ، فمع ارتفاعأسعار الغذاء والوقود، تحتاج الحكومات إلى تقديم المزيد من المنح للأسر المحتاجة لمساعدتها على تغطية التكاليف، لا سيما في البلدان منخفضة الدخل.
----------------------------------------------
وقد كان الارتفاع الكبير في الدين مبرراً بالحاجة إلى دعم الاقتصاد والحفاظ على الوظائف، وتجنب موجة من حالات الركود والإفلاس ولو لم تتحرك الحكومات المواجهةهذا، لكانت العواقب الاجتماعية والاقتصادية وخيمة.
----------------------------------------------
وعلى الرغم من استئناف النمو الاقتصادي العالمي فإن سوق العمل العالمية لم تتعاف بعد بشكل كامل من تأثير الجائحة ولا يزال ركود سوق العمل مستمرًا في العديد منالدول، فوفقا لتقديرات منظمة العمل الدولية من المرجح أن تظل العودة إلى ما قبل الجائحة بعيدة المنال في كثير من أنحاء العالم خلال السنوات القادمة. فقد بلغ معدلالبطالة العالمي في عام ۲۰۲۰ نحو ٦.٦٪، وقد انخفض قليلا خلال عام ۲۰۲۱ ليصل إلى ٦٢ ومن المتوقع أن يصل في عام ٢٠٢٢ إلى ٥٩ في حين أنه من المتوقع أنيظل معدل البطالة العالمي يفوق مستواه لعام ۲۰۱۹ حتى عام ٢٠٢٣ على الأقل.
----------------------------------------------
المصدر :- موقع المؤتمر الإقتصادي
تعليقات
إرسال تعليق